قصة العصفور المجروح

كتابة حسن الشهري - تاريخ الكتابة: 24 يناير, 2022 5:58
قصة العصفور المجروح


قصة العصفور المجروح كما سنقوم بذكر قصة العصفور والماء، وكذلك سنتحدث عن قصة الصياد والعصفورة الماكرة،وأيضًا سنتحدث عن قصة العصفور السجين، وكل هذا سوف نتحدث عنه من خلال مقالنا هذا تابعونا.

قصة العصفور المجروح

كان ياما كان، في قديم الزمان، وسالِف العصر والأوان، كان هناك بيتٌ صغيرٌ جميل تسكنه فتاة صغيرة اسمها مها، وكانت مها تحبّ أن تجلسَ على الشّرفة المطلّة على حديقة بيتهم، تنظر إلى الأشجار المثمرة والطّيور المغرّدة والأزهار الرّائقة الألوان الفوّاحة بعبيرها الزّاكي الفتّان، كانت الحديقة ملاذ مها حين تضجر من الجوّ المحيط بها، فتقف في الشّرفة تنظر إلى الحديقة حتّى ترتاح وتعود إليها حيويّتها، وذات يوم حدث مع مها موقف كُتِبَ عنه قصّة هي قصة العصفور الجريح.
ذات يوم خرجت مها من بيتِها تتمشّى في الحديقة، وبعد أن تجوّلت فيها، وشمّت زهورَها، وداعبت بأقدامها بركة الماء التي فيها، وبعد أن تعبت من اللعب والرّكض بين شجيرات الحديقة وأشجارها العالية أرادت أن ترتاح، فجلست في ظلّ شجرة وارفة الظِّلال، وإذا بها تسمع صوت إطلاق نار، وبعد قليل سقط عليها عصفور قد أصابت رصاصة البندقيّة جناحه، ولكنّه لم يمُت، بل كُسِرَ جناحه فقط، ولكنّه لم يعد قادرًا على الطّيران، فأخذته مها وأخفته عن الصيّادين بسرعة، وحينما جاؤوا للبحث عنه أخفته في كمّ ثوبها، وبعد أن غادروا أخذته إلى البيت لتعالجه، فربطت له عودًا من خشبٍ على جناحه ليُجبَرَ الكسر، واعتنت به، وصار قطّها الأليف يلاعبه، وصارت مها تطعمه بيديها، وتسقيه من راحة كفّها، وظلّ عندها يغنّي لها كلّ يوم أعذب الألحان، وأخيرًا برِئ العصفور من إصابته، وطاب جناحه، وقرّر أن يترك بيت مها الذي قضى فيه أجمل أوقاته، ولكنّه عصفور خُلِقَ ليطير وليغنّي، لا ليبقى حبيسَ بيتٍ أو قفص.

قصة العصفور والماء

استيقظ العصفور من نومه مع ضوء النهار، فراح يسبح الله، فهو يفعل ذلك كل صباح قبل أن يخرج للسعي على الرزق، ثم بعد ذلك يستعد ليبدأ رحلته في البحث عن طعامه وشرابه، وكان العصفور على يقين كامل بأن الله سوف يرزقه، ويعيده إلى عشه اخر اليوم وقد ملأ بطنه بالطعام والشراب، خرج العصفور من عشه متوجها إلى الحقول والمزارع، فقابلته يمامة، فسألها: إلى أين أيتها اليمامة؟ فقالت: سمعت أن هناك مزارع جديدة على بعد عدة كيلو مترات من هنا، وأنها مليئة بحبوب القمح والشعير، وأنا أريد أن أذهب إليها، لآكل منها ما أريد فعرض عليها العصفور أن يذهب معها، فوافقت.
توجه العصفور واليمامة إلى المزارع الجديدة، وكانت اليمامة لا تعرف المكان بالتحديد؛ ولذلك أخذت تبحث مع العصفور عن هذه المزارع ساعات طويلة، حتى وصلا إلى صحراء واسعة، فلمح العصفور من بعيد بقعة خضراء وسط الصحراء، فقال: أيتها اليمامة، انظري فنظرت اليمامة، فرأت البقعة الخضراء، ففرحت.
قالت اليمامة: لابد أن هذه البقعة الخضراء هي المزارع التي بها القمح والشعير فقال العصفور: نعم، ولكنها بعيدة جدا، إنها في وسط الصحراء، فقالت: أنا مصرة على الوصول إليها ومعرفة ما فيها فقال: وأنا لن أتركك وحدك، فسوف أذهب معك؛ حتى أکون مطمئنا علیك. فشكرت الیمامة العصفور، وذهبا معا.
ظل العصفور واليمامة يطيران وقتا طويلا وأخيرًا وصلا إلى هذه المنطقة، فوجدا مجموعة كثيرة من المزارع، منها مزرعة مملوءة بأشجار الفاكهة، وتحت هذه الأشجار أنواع كثيرة من الحشائش، ومزرعة أخرى بها قمح ما زال أخضر، ومزرعة ثالثة بها شعير والغريب أنهما لم يجدا نهرا ولا بئر ماء بجانب هذه المزارع علما العصفور واليمامة بعد ذلك أن هذه الأرض يرويها أصحابها بالتقطير، وهي مواسير مياه في باطن الأرض، يخرج منها فتحات توزع الماء على سطح الأرض، ففرحا العصفور واليمامة باكتشاف هذه المزارع، وأخذا يأكلان من القمح والشعير والحشائش حتى شعرا بالعطش الشديد، وكانت مواسير الماء مغلقة في ذلك الوقت.
بحث العصفور واليمامة عن الماء فلم يجدا، وأخيرًا وجدا وعاء كبيرًا بجانب سور إحدى المزارع، فنظر العصفور في الوعاء، فوجد به القليل من الماء، فوقف على حافته ونظر بداخله، وأنزل منقاره ليشرب؛ ولكن الماء كان في قعر الوعاء، فلم يصل منقار العصفور إلى الماء، ولم يستطع العصفور أن یشیرب، وقف العصفور واليمامة يفكران وفجأة طار العصفور مسرعا، وأحضر حجرا، وأسقطه في الوعاء، وطار ثانية وأحضر حجرًا آخر وأسقطه، فساعدته اليمامة في ذلك، وكررا ذلك عدة مرات، وأخيراً ارتفع الماء في الوعاء، فأنزل العصفور منقاره و شرب، وشربت اليمامة أيضا، ثم قالا: العقل في التفكير والرب في التدبير.

قصة الصياد والعصفورة الماكرة

كان هناك رجلا صياد مر بالغابة فأحس بالجوع فقرر أن يصطاد صيدًا يد جوعه ويملئ بطنه فظل يترصد للطيور هنا وهناك حتى صاد قنبرة نوع من أنواع العصافير – فلما صارت في يده، علم أنه حصل على صيد ثمين ولعلها تكون غداؤه هي وإحدى أخواتها ولما هم بأن يصطاد الثانية، قالت له: ما تريد أن تصنع بي؟ قال الصياد : سوف أذبحك وأكلك فأنت وجبة لذيذة سهلة الهضم، قالت له: يا مسكين أحزنتني على ما أصابك وخيبتك في فأنا لا أشفي من قرم ولا أشبع من جوع، ولكن لدي ما هو أفضل من أكلي.
– القنبرة تقايض الصياد :
سكت الصياد قليلًا ثم قال لها: هاتي ما عندك بشرط إن لم يعجبني كلامك سوف أذبحك فورًا، قالت له: اتفقنا سوف أعلمك ثلاث خصال خير لك من أكلي، أما واحدة: أعلمك إياها وأنا في يدك، وأما الثانية فأعلمك إياها وأنا على الشجرة، والثالثة لا أقولها أبدًا إلا وأنا على الجبل، فكر الصياد قليلًا في ذلك العرض الذي تقدمه القنبرة ثم قال في نفسه لعلها ترشدني إلى ما هو أفضل فعلًا من أكلها فمتى سمعنا أن العصافير تكذب!.
– ثلاث خصال فيها النجاة :
فقال لها: هات الواحدة الأولى قالت له: لا تلهفن على ما فاتك أي لا تحزن على ما ضيعت، قال لها: والثانية؟ ثم أفرج عنها وأطلق سراحها من يده، فلما صارت على الشجرة، ثم قال لها: هات الثانية، قالت له: لا تصدق بما لا يكون أن يكون، فسكت قليلًا وهو لا يفهم ماذا تقصد من الخصلتان فنظر إليها وهي تطير فلما صارت على الجبل قالت له: يا شقي! لو ذبحتني أخرجت من حوصلتي درتين في كل واحدة عشرون مثقالًا.
وهنا لمعت عين الصياد وفرغ فاهه وهو غير مصدق لما ضيع، فقال لها وهو يعض على شفتيه ويتلهف: هات الثالثة أيتها المخادعة، قالت القنبرة وهي تضحك : أنت قد نسيت اثنين، فكيف لي أن أحدثك بالثالثة؟ ألم أقل لك لا تلهفن على ما فاتك، ولا تصدق بما لا يكون أن يكون، وأنا وريشي ولحمي لا يمكن أن أكون أبدًا عشرين مثقالًا أيها الغبي، وتركته وطارت.
– المستفاد من القصة :
خدعت العصفورة الصغيرة ذلك الصياد الماهر الذي يفوق حجمها أضعافًا مضاعفة فقط عندما استخدمت عقلها واستطاعت بالعقل أن تلقنه درسًا لن ينساه طوال حياته وذلك من خلال خصلتان أولهم بأن لا يحزن على ما فاته وما ضيعه، فما مضى قد مضى والمستقبل أمامك حتى تصلح ما أفسدته بالأمس، وأن لا تصدق بما لا يكون أن يكون أي لا تنجرف وراء الشائعات والأقاويل حتى تتأكد أنها حقائق، ولوكان الصياد استمع لهذه النصائح وعقلها لما طارت منه القنبرة وأصبح خاوي البطن جوعان.

قصة العصفور السجين

كنتُ أتمشى في ساحةِ بلدتي، فرأيتُ قفصًا في واجهةِ أحدِ المحالِ وفي داخلِهِ عُصفورٌ صغيرٌ وقفتُ أتأملهُ وهو يقفزُ على قضبانِ القفصِ، ثمّ ينتقلُ إلى العودِ الموضوعِ في وسطهِ إقتربتُ مِنهُ وحدّقتُ فيهِ، فرأيتُ ريشَهُ المُلوّنَ الجميلَ، كما رأيتُ الحُزنَ في عينيهِ، تأثّرتُ لحالتِهِ وقُلتُ في نفسي: إنّ لِلطائِرِ جناحينِ ليطيرَ ويُحلّقَ بِهما في الفضاءِ الواسعِ، فكيفَ يسجُنهُ الإنسانُ في قفصٍ؟ وتصوّرتُ نفسي سجينًا في غُرفَةٍ صغيرةٍ وأنا مُقيَّدُ اليدينِ والرّجلينِ. كيفَ يُمكنُ أن أتحملَ الضّجرَ والعذابَ؟
وكم ازدادت شفقتي عليهِ عِندما أطلَّ بمنقارِهِ من بينَ قُضبانِ القفصِّ، ونظرَ إليَّ نظرَةَ عطفٍ، وكأنّهُ يقولُ لي: ” أنا صديقُكَ. أنقذِني من هذا السّجنِ. أعِدْ إليَّ حُرّيتي”.
كنتُ كُلّما تأملتُهُ ازددتُ عطفًا عليهِ وصارتِ الصّورُ والأفكارُ تتسارَعُ في رأسي: أليسَ لهُ إخوةٌ ورِفاقٌ؟ أليسَ لهُ أمٌّ؟ كيفَ تكونُ حالَتُها؟ وكم يكونُ مُشتاقًا إليها! هل يلتقيانِ بعدُ؟
نسيتُ كم انقضى من الوقتِ، وأنا واقِفٌ أتأمّلُ هذا العصفورَ المسكينَ كانَ النّاسُ يمرونَ بالقُربِ مِنّي وأصواتُهم العاليةُ تختلِطُ بهديرِ السّياراتِ وأنا لا أرى إلّا عصفوري الصّغيرَ، ولا أسمعُ إلا زقزقتَهُ النّاعمةَ الحزينةَ.
فجأةً وجدْتُ نفسي داخلَ المحلِّ أسألُ صاحِبَهُ أن يبيعني العُصفورَ، وأنا خائفٌ أن يقولَ لي: “لا، ليسَ العُصفورُ للبيعِ” لِحُسنِ حظّي قَبِلَ أن يبيعَهُ. دفعتُ لهُ الثّمنَ من نقودي القليلةِ الّتي جمعتُها خلالَ أُسبوعٍ.
حملتُ القفصَّ وأنا أعدو مُسرعًا. كأنَّ العُصفورَ استأنسَ بي، فأصبحَ يقومُ بحركاتٍ تدلُّ على المرحِ والنّشاطِ، عِندما ابتعدّتُ عن أنظارِ النّاسِ فتحتُ بابَ القفصِّ، فانطلقَ العُصفورُ كالسّهمِ بقيتُ أتأمّلُهُ حتّى غابَ عن عينيِّ أكملتُ طريقي إلى البيتِ وأنا أحملُ القفصَ فارِغًا ولكنّني أحملُ السعادةَ في قلبي.



774 Views