ما الحكمة من ضرب الأمثال في القرآن والسنة

كتابة هدى المالكي - تاريخ الكتابة: 18 أبريل, 2020 4:19 - آخر تحديث : 24 أغسطس, 2021 12:32
ما الحكمة من ضرب الأمثال في القرآن والسنة


ما الحكمة من ضرب الأمثال في القرآن والسنة هو السؤال الذي يتبادر إلى ذهن الكثيرون، وهنا في هذا المقال نقدم  الاجابة على سؤال المقال بالإضافة إلى تعريف المثل في القرآن و أنواع الأمثال في القرآن الكريم.

ما الحكمة من ضرب الأمثال في القرآن والسنة

  • إخراج الغامض إلى الظاهر: ولِما للأمثال من فوائدَ؛ امتنَّ الله تعالى علينا بقوله: ﴿ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ ﴾ [إبراهيم: 45]، وبقوله تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 43]، وسُمِّي مثلًا؛ لأنه ماثلٌ بخاطر الإنسان أبدًا؛ أي: شاخص، فيتأسى به ويتَّعِظ.
  • ثانيًا: ويأتي المثل بمعنى الصفة؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ﴾ [النحل: 60]، وقوله تعالى: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ﴾ [الرعد: 35]، وقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ ﴾
  • ثالثًا: تشبيه المعنوي الخفي بالحسِّي، والغائب بالشاهد؛ كتشبيهِ الإيمان بالنور، والكفر بالظلمة، والكلمة الطيبة بالشجرة.
  • رابعًا: ويستعمل المثل لبيان الحال؛ كقوله تعالى: ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ﴾
  • خامسًا: ويضرب المثل كنموذج للإعجاز، أو الأمر العَجيب، أو التحدي، (المثل: النَّموذَج، أو نوع من الأنواع، أو عمل من الأعمال، أو سُنة من سنن الله تعالى).

أنواع الأمثال في القرآن الكريم

الأمثال في القرآن ثلاثة أنواع:
1- الأمثال المصرحة.
2- والأمثال الكامنة.
3- والأمثال المرسلة.
النوع الأول: الأمثال المصرَّحة: وهي ما صرح فيها بلفظ المثل، أو مايدل على التشبيه، وهي كثيرة في القرآن نورد منها ما يأتي:
أ- قوله تعالى في حق المنافقين: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ، صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لايَرْجِعُونَ، أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ}1 إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .
النوع الثاني من الأمثال: الأمثال الكامنة – وهي التي لم يصرح فيهابلفظ التمثيل، ولكنها تدل على معان رائعة في إيجاز: يكون لها وقعها إذا نقلت إلىما يشبهها، ويمثلون لهذا النوع بأمثلة منها:
1- ما في معنى قولهم: “خير الأمورالوسط”:
أ- قوله تعالى في البقرة: {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَذَلِكَ} .
ب- قوله تعالى في النفقة: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} .
النوع الثالث: الأمثال المرسلة في القرآن: وهي جمل أرسلت إرسالًا منغير تصريح بلفظ التشبيه. فهي آيات جارية مجرى الأمثال.
ومن أمثلة ذلك ما يأتي:
1- {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} .
2- {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ} .
3- {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } .

فوائد ضرب الأمثال في القرآن الكريم

  • أولاً: أنها تبرز الأمور المعقولة في مشاهد محسوسة يراها الناس أو يلمسونها، فتتقبلها عقولهم، لأن المعاني المعقولة يصعب ويعسر استقرارها في الذهن- بالنسبة لكثيرين- إلا إذا صيغت في صورة حسية قريبة الفهم.
    ويمكن الاستشهاد لذلك بما ضربه الله تعالى مثلا لحال المنفق رياءً، إذ لا يحصل من إنفاقه على شيء من الثواب وذلك في قوله سبحانه: كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْـهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا.
  • ثانيا: أن الأمثال تكشف عن الحقائق، وتعرض الغائب في معرض المشاهد، وذلك أوقع في النفس من جهة تأثرها وشاهد ذلك، ما ورد في التمثيل لحال آكل الربا يوم القيامة بشناعة حاله: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ.
  • ثالثا: أنها تعبر عن جانب من جوانب الإعجاز القرآني، لأنها توجز المعاني الرائعة في عبارات يسيرة، وأوضح الشواهد على ذلك ما مضي ذكره من الأمثال الكامنة والأمثال المرسلة، وقد ذكرنا العديد من شواهدها.
  • رابعاً: الترغيب في الممثل حيث يكون الممثل به مما ترغبه النفوس، وذلك أعون للمكلف على الطاعة، وأرغب له فيها، وشاهد ذلك، ما ضربه الله تعالى مثلا لحال المنفق في سبيل الله وما يعود عليه من مضاعفة الثواب على عمله مضاعفة كبيرة، وذلك في قول الله سبحانه: مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.
  • خامساً: التنفير من الممثل حيث يكون الممثل به مما تكرهه النفوس، وذلك أعون للمكلف على اجتنابه عندما يتمثل قبحه وشناعته وسوء عاقبته، وشاهد ذلك ما ضربه الله تعالى مثلا لحال المغتاب في النهي عن الغيبة، وذلك في قوله تعالى:(وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله تَوَّابٌ رَّحِيمٌ).

تعريف المثل في القرآن

المِثل – بكسر الميم – والمَثل – بفتح الميم – والمثيل: كالشِّبْه والشَّبَه والشَّبِيْه لفظًا ومعنًى، والجمع: أمثال.
والمثَل – بفتح الميم والثاء: الحديث، وقد مثَّل به، وامتثله، وتمثله، وتمثل به، وقد يعبر بالمثلِ والشبه عن وصفِ الشيء؛ نحو قوله – تعالى -: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ﴾
وقد يستعملُ “المثل” عبارة عن المشابه لغيره في معنى من المعاني؛ أي: معنى كان، وهو أعم الألفاظِ الموضوعة للمشابهة؛ وذلك أنَّ “النِّدَّ” يقال فيما يشاركه في الجوهريةِ فقط، و”المساوي” يُقال فيما يشاركه في الكمية فقط، و”المثل” عام في جميع ذلك؛ ولهذا لما أراد الله نفيَ التشبيه من كلِّ وجه خصه بالذِّكر؛ فقال – تعالى -: ﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾
و”المثل” مأخوذ من المثال، وهو قولٌ سائر يشبه به حال الثاني بالأول، والأصل فيه التشبيه، فقولهم: مثل بين يديه؛ إذا انتصب، وحقيقة “المثل” ما جعل كالعلم للتشبيه بحال الأول؛ كقول كعب بن زهير:
كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلاً
وَمَا مَوَاعِيدُهَا إِلاَ الْأَبَاطِيلُ
ويقول “ابن السكيت”: “المثل لفظ يخالفُ لفظَ المضروب له، ويوافقُ معناه معنى ذلك اللفظ، شبهوه بالمثال الذي يعمل عليه غيره”.
ويرى العلماء: أنَّه لا بد أن “تجتمعَ في المثلِ أربعة لا تجتمعُ في غيره من الكلام: إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكتابة، فهو نهاية البلاغة”.

الأمثال في القرآن

عادة العرب استعمال الأمثال لأنها أبلغ في توصيل المطلوب إلي السامع ومن العرب الذين قاموا بتسجيل هذه الأمثال: الزمخشري. والأمثال: جمع مثل، والمثل والمثل والمثيل: كالشبه والشبه والشبيه لفظا ومعنى. عندما جاء القرآن تحدي العرب – وهم بالفعل أرباب البلاغة – ببلاغته الخاصة وخصوصا في ضرب الأمثال – موضوع البحث -، وفي الحقيقة؛ فإن أمثال القرآن لها بلاغة خاصة وتذوق جميل لا يحس بها إلا العارف لأسرار اللغة العربية.



853 Views