مفهوم شعر التجديد

كتابة بدرية القحطاني - تاريخ الكتابة: 21 أبريل, 2022 4:34
مفهوم شعر التجديد


مفهوم شعر التجديد نتحدث عنها من خلال مقالنا هذا كما نذكر لكم مجموعة متنوعة أخرى من الفقرات مثل تجديد أصحاب الاتجاه الوجداني في الشعر ومظاهر التجديد في الشعر العربي ثم الختام فقرة عن التجديد في الشعر الجاهلي تابعوا السطور القادمة.

مفهوم شعر التجديد

يُعتبر مَفهوم التجديد من أكثر المفاهيم التي تنازعتها التيّارات الثقافيّة الفكريّة المختلفة، وقد انعكس هذا التّنارع على المفهوم ذاته من حيث المعنى والدلالة، كما أنّ التجديد في الشعر العربي الحديث حقيقةً ثابتةً في زمننا الحديث الذي نعيشه، وقد كان النصف الثاني من القرن التاسع عشر هو الزمن الذي بدأ يإظهار تياراتٍ فكريةٍ وأدبيةٍ جديدة تنوّعت منابعها ومرجعياتها، فاختلفت أشكالها التعبيرية وآلياتها الفنيّة وفق أسس شعرية؛ إذ رأى أصحابها القدرة على حمل تجارب العصر الجديدة التي لا تقوى التقليديّة على حملها، ممّا أدّى إلى ضرورة إعلان بعض الشعراء عن ضرورة استحداث أشكالٍ شعريِّةٍ جديدةٍ.

تجديد أصحاب الاتجاه الوجداني في الشعر

خرج أصحاب الاتجاه الوجداني بالبناء الإيقاعي للقصيدة التقليديّة، عن النمطية من خلال:
الزحافات والعلل
تمثل الزحافات، والعلل بداية الانشقاق عن النظام العروضيّ الصارم موسيقياً، والسبب في ذلك حالة التنازع المستمر بين الوزن العروضي، الذي يقيد وجدان الشاعر، والزحافات، والعلل التي تمثل شق صغير في جدار العروض، يسمح بخروج شعاع الوجدان، والعاطفة. من الأمثلة على الزحافات، والعلل، تحويل تفعيلة فاعلن الموجودة في الضرب إلى تفعيلة فاعلان، وتحويل تفعيلة مستفعلن إلى مستعلن، أو مستعل أو متعل.
البناء الدرامي
أوّل من استخدم البناء الدرامي والقصة الشعرية شعراء أبوللو، وكان الهدف من ذلك إخراج القصيدة من قالب الغنائيّة المباشرة، وكان ذلك محاكاة لقصائد غربية حديثة مثل قصيدة آليوت الأرض الخراب، وقصائد أخرى تعتمد على توظيف أساطير قديمة، وقصص شعبية في التراث، ومما لا شك فيه أن حركة الشعر انتقلت بالشعر العربي من مجالاته الضيقة، وأغراضه ومعانيه التقليدية، إلى آفاق أكثر رحابة، ومرونة، وساقت ناصية الشعر حتى تغرف من منابع عدّة تراثيّة وفلسفيّة، ويونانيّة، وفرعونيّة، وغربيّة، ولا تعتمد فقط الأغراض القديمة مثل: المدح، والهجاء، والرثاء، وغيرها من المواضيع التقليديّة.

مظاهر التجديد في الشعر العربي

هذه أبرز مظاهر التجديد في العصر العباسي:
-ظهور البديع وتطوره على يد أبو نواس، فقد أصبح على يده علماً بحد ذاته، وقد أكثر من التشبيهات والمحسنات اللفظية والمعنوية في الكثير من القصائد، وكان يتفنن في ذلك لإظهار براعته وقدرته ، ونتيجة للترف وانتشار دور النخاسة، ومجالس اللهو في هذا العصر أدى بالكثير من الشعراء إلى التعلق بالخمرة ووصفها على أنها غذاء للروح ومن هؤلاء الشعراء أبو نواس الذي رأى فيها أنها المنفذ الوحيد على العالم، والخمريات هي قصائد طويلة يكتبها الشاعر في وصف الخمر والنبيذ.
– ظهور الكثير من الحركات السياسية، والمناهضة للعرب والعروبة، ومنها الشعوبية والزندقة، مما حدا بالكثير من الشعراء والأدباء والكُتَّاب بالتصدي لمثل هذه النزعات وكان من أشهرهم الجاحظ.
– الشعر التعليمي، حيثُ ظهر هذا اللون من الشعر في هذا العصر، ويتميز بخلوه وافتقاره للعاطفة والخيال، كما ويتميز بطول النفس الشعري، وتنوع القوافي، ومن أبرز من نظم فيه أبّان اللاحقي.
-التطور في المعاني والأفكار، فالصور الشعرية تتميز بالجِدة والطرافة، وذلك نظراً لحياة الرفاهية والنعيم التي عاش فيها أبناء هذا القرن.
– تطور الأساليب والألفاظ، فقد تجاوزت الألفاظ في هذا العصر إلى استخدام التراكيب الأعجمية الداخلة عليها من الامتزاج بين الأعراق، إلى جانب ظهور المصطلحات الفقهية، والعلمية، والفلسفية، ولكن هذا أدى إلى ظهور ظاهرة اللحن والخروج عن المقياس الصرفي.
-تطور مفهوم الغزل، وتعديه للمعنى العفيف والراقي، حيثُ ذهب بعض الشعراء إلى الغزل الفاحش والبذيء، وقد ارتبط اسم بشار بن برد بهذا اللون من الغزل بالرغم من أنه كان أعمى لا يرى شيئاً، ولكن سخطه وعتابه على الحياة والواقع دفعه لذلك أحياناً، وقد قُتل بتهمة الزندقة.
-ازدهار وتفرع الأغراض الشعرية التي نظم فيها الشعراء، من المدح الذي برعوا فيه وخاصة للسلاطين العباسيين الذين أغدقوا الشعراء بالعطايا والهدايا، والوصف، والرثاء، والهجاء، والغزل.
-ظهور الطرديات، وهو فن من فنون الأدب، وقصائد شعرية يصف فيها الشاعر الصيد، ومطاردة الفرائس المختلفة، ومن أشهر من نظم فيها أبو نواس.

فقرة عن التجديد في الشعر الجاهلي

-يعتبر الشعر الجاهلي أحد الفنون الذي تم فيه اجتماع الثقافة العربية إلى جانب أنَّه قد تنامت العبقرية لديهم، كما ويعد تلك الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي كانت تسود بين القبائل آنذاك، والتي بواسطتها كان يتم النشر بأمجادها وكذلك يُشيد بالأحساب لديها، كما ويعمل على تسجيل كافة الأجيال المفاخر لديها، كما وتُعد الموضوعات التي تناولتها القصائد الشعرية الجاهلية تلك المرآة التي تعكس الحياة ذات الطابع البدوي، حيث كانت قديماً ذات منحى تقليدي يقوم كافة الشعراء آنذاك على تناولها وهذا بذات الأسلوب النسق ومن بينها:” الهجاء/ المدح الموجه للسلاطين المختلفين/ مدح الملوك/ الغزل ذو الطابع الصريح/ الفخر وغيرها. ومرَّ الشعر الجاهلي بالعديد من الأمور لعلَّ أهمها أنَّها في نهاية ذلك العصر قد بدأت ظهور المظاهر الجديدة وهذا بالدخول إلى الشعر ذو الطابع الجاهلي؛ ويعود السبب في هذا إلى توافر الاحتكاك وهذا مع الأمم وكذلك الحضارات الأخرى، ومن أهم مظاهر التجديد في الشعر الجاهلي على النحو الآتي:
– القصيدة آنذاك قد تفردت بكل من اليسر وكذلك بالسهولة، إلى جانب البُعد تماماّ عن أشكال التعقيد المختلفة، وهذا بعد ما كانت القصيدة الجاهلية صعبة والتي كانت تتمتع وتتميز بتوافر الجزالة اللفظية وكذلك استخدام الألفاظ الغريبة وكذلك الموحشة، ومن أهم الأمثلة على هذه النقطة هو ما قاله الشاعر عنترة: ولد ذكرتك والرماح نواهل ” مني وبيض الهند تقطر من دمي.
-ومنذ بداية القصيدة الجاهلية إلى نهايتها يتم فقط تناول الموضوع الواحد لا غير، وهذا بعد ما كانت القصيدة الشعرية الجاهلية منقسمة إلى العديد من الأقسام، حيث أنَّ كل قسم يتكلم عن ذلك الموضوع المنفرد بذاته، وبهذا الأمر فإنَّنا تنوصل بأنَّ القصيدة الشعرية الجاهلية أصبحت تتمتع بالوحدة من الناحية الموضوعية.
كما ودخل على الشعر الجاهلي العديد من الموضوعات الجديدة، ومن بينها المنطق وكذلك الفلسفة. اللغة التي كانت تمتلكها القصيدة الشعرية قد ارتقت وتطورت وسمت وهذا من حيث العديد من الأمور لعلَّ أهمها الألفاظ والتراكيب التي تتعلق بها، حيث أنَّ الشعراء كانوا يعمدون إلى غرق القصيدة بالألفاظ ذات الطابع الخشن والفخم، وبهذا أصبحت فيما بعد تميل إلى الرقة كثيراً.
-تعتبر القصيدة الشعرية الجاهلية أحد أنواع القصائد التي تمتلك ذلك المخزون الغني من حيث المحسنات البديعية، ومن أهماه الطباق إلى جانب الجناس، وكذلك التقسيم، كما وأنَّ تلك المحسنات فقد أتت وليدة الطبع وكذلك الموهبة، ومن أبرز الأبيات الشعرية على هذه الأمر هو قول الشاعر طرفة بن العبد: وتبسُم عن ألمي كأن منوراً “تخلل حُرَّ الرَّملِ دعِصِ له ندي.



385 Views